سؤال: أبي وعمي رحمها الله كانا شركاء في تجارة كبيره، وكان والدي يذهب لشراء بضائع من السعودية، وكان آخر سفرة للوالد في عام 1985م أي قبل 32سنة. وحملوا البضائع مع صاحب قاطرة من الحمزات ونُهب عليهم بضاعة بمبلغ أكثر من 300 ألف ريالًا سعوديًا. وخسروا في البضاعة التي استلموا لأنهم اشتروا البضاعة بالريال السعودي وبقي عليهم دين للسعودية بحوالي مائتين ألف سعودي، قضوا منها حوالي 150 سعودي لمن طالبهم بالدين، ولم يبقَ معهم سوى بيتهم الوحيد و 2دكاكين قديمة، قاموا بالقسمة الشرعية بينهم، واتفقوا أن ما حصلوا من دين عليهم للسعودية عليهم بالنصف. توفي عمي أولا وبعد سنة ونصف توفي الوالد رحمهم الله جميعًا، وقبل أن يتوفى الوالد بثلاثة أشهر أوصى بقضاء الدين عليه وعلى عمي مبلغ وقدره 75 سعودي، لكنه لم يعد يعرف لمن هذا الدين، علما أننا لا نستطيع قضاء هذا الدين إلا إذا قمنا ببيع البيت الذي ورثناه نحن وأولاد عمي، علمًا بأن أولاد عمي الذكور لا يمتلكوا إلا نصيبهم من البيت.
ما الواجب علينا وعليهم في قضاء الدين، رغم عدم معرفتنا لأصحابه وعدم مطالبتهم به، ونريد بيع البيت لكن وجدنا وصية قبل خمسين سنة من أبي وعمي أن هذا البيت وقف ذرية للورثة، فهل يجوز بيع البيت لقضاء الدين، علمًا أن قيمة البيت يصل إلى حوالي 15مليون ريال يمني، أي ما يعادل 160 ألف سعودي.
وفي حال رفض أولاد عمي يقولوا إنهم أولى بالصدقة في حال التصدق بالدين في مصلحة عامة إلى نية صاحب الدين.
أوضح أن أولاد عمي يحتجوا أن والدهم لم يخبرهم بالدين، رغم أن أبي وعمي متفقين على الدين، لكن اتفقوا علي تسديد من طالبهم، نرجوا منكم توضيح الحكم الشرعي في هذه المسألة.
الجواب: للشيخ/ علي بن أحمد الرازحي
بالنسبة للدين الذي على والدك وعمك وقد أوصيا بقضائه فالواجب الوفاء بقضاء الدين، لأن كل مدين مرتهن بدينه حتى يقضى عنه، ولكن اعترض عليكم أمران:
الأول: أنهما لم يخلفا من المال ما يقضي الدين غير البيت الذي وجدتم أنهما أوقفاه وقف ذرية.
الثاني: أنكم لا تعلمون بأصحاب الديون مع حاجتكم وفقركم.
والذي يظهر لنا بالنسبة للبيت أنه وقف على الذرية لا يجوز تبديله، لقوله تعالى: ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾.
وبالنسبة لأهل الديون إن علمتم أحدًا منهم عرضتم عليه حالكم، كما هو مذكور في السؤال، فمن سامح منهم فالحمد الله، ومن أصر على طلب حقه كتبتم له بذلك سندًا حتى ييسر الله لكم، هذا الذي عليكم، وبما أن أباكم وعمكم قد نويا قضاء الدين والتخلص منه فالأمل أن الله ييسر لهما ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : «مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلاَفَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ» أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وأنتم كذلك أعزموا بالنية الصادقة على قضاء الدين عن أبيكم وعمكم ولن يخب الله سيعكم بإذنه سبحانه وتعالى.
ولا نرى في هذا الحال التصدق بما على أبيكم وعمكم – ما دمتم معدمين – ولكن تنتظروا الغرماء وتبحثوا عنهم، فإن لم تجدوا أحدًا منهم أو من ورثتهم نرجوا أن لا تثريب عليكم لحالكم من حيث قلة ذات اليد وشدة المؤنة.
أصلح الله أحوالكم، وبالله التوفيق
راجعه الشيخ العلامة : محمد بن عبد الله الإمام
بتاريخ / 20 شوال 1438