سؤال: عندنا في القرية أصبحت عادة بين الرجال والنساء أن الرجل يصافح المرأة مثل بنات العم وبنات العمة، وغيرها النساء وبنات الخال وبنات الخالة والآن أصبحت عاده قوية في البلاد فما حكم ذلك في الشرع؟
الجواب:
للشيخ / علي الرازحي.
مصافحة الرجل المرأة الأجنبية والعكس، مما تواردت الأدلة الشرعية بمنعه والتحذير منه، ومن ذلك:
قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ رضى الله عنها: (وَاللَّهِ مَا مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ فِي المُبَايَعَةِ، وَمَا بَايَعَهُنَّ إِلَّا بِقَوْلِهِ) متفق عليه.
وعن أميمة بنت رقية رضى الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنِّي لَا أُصَافِحُ النِّسَاءَ، إِنَّمَا قَوْلِي لِمِائَةِ امْرَأَةٍ كَقَوْلِي لِامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ مِثْلُ قَوْلِي لِامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ» أخرجه النسائي.
وعن معقل بن يسار رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لأن يطعن أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له). أخرجه الطبراني.
وعن أبي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، فَزِنَا الْعَيْنَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ النُّطْقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ» متفق عليه.
ولم يصح أن النبي صلى الله عليه وسلم صافح امرأة مطلقًا لا بحائل ولا بغير حائل، وهذا محل اتفاق عند أئمة المذاهب الأربعة، قال العلامة محمد سلطان المعصومي رحمه الله تعالى: (إن مصافحة النساء الأجنبيات لا تجوز ولا تحل سواء مع الشهوة أم لا، وسواء كانت شابة أولا…وذلك مذهب الأئمة الأربعة وعامة العلماء). وقال ابن مفلح الحنبلي رحمه الله تعالى: (يحرم مصافحة المرأة الأجنبية للرجل ذكره في الأصول والرعاية) وهما من كتب الحنابلة. وسئل إسحاق بن راهويه عن الرجل يصافح المرأة فقال: (لا وشدد فيه جدًا). وقال العلامة النووي الشافعي رحمه الله تعالى: (وحيث حُرم النظر حرم اللمس بطريق الأولى لأنه أبلغ في اللذة).
وقال الحافظ العراقي الشافعي رحمه الله تعالى: (وهو صلى الله عليه وسلم لم تمس يده يد امرأة غير زوجاته وما ملكت يمينه لا في مبايعة ولا في غيرها، وإذا لم يفعل ذلك مع عصمته وانتفاء الريبة في حقه فغيره أولى بذلك). وقال العلامة أبو بكر بن العربي وأبو البركات الدردير من علماء المالكية: (لا تجوز مصافحة المرأة ولو متجالة) والمتجالة التي لا رغبة للرجال فيها.
وهكذا نص علماء العصر: قال العلامة ابن باز رحمه الله: (لا يجوز للمسلم أن يصافح أو يقبل غير زوجته أو محارمه بل ذلك من المحرمات وأقبح من المصافحة للنساء غير المحارم تقبيلهن سواء كن من بنات العم أو بنات الخال أو من الجيران أو من سائر القبيلة، كل ذلك محرم بإجماع المسلمين، ومن أعظم الوسائل لوقوع الفواحش المحرمة، فالواجب على المسلم الحذر من ذلك وإقناع جميع النساء المعتادات لذلك من الأقارب وغيرهم، بأن ذلك محرم ولو اعتاده الناس، ولا يجوز للمسلم أو للمسلمة وإن اعتاده قرابتهم أو أهل بلدهم).
وقال العلامة محمد تقي الدين الهلالي رحمه الله تعالى: (أجمع المسلمون من السلف والخلف على أن لمس المرأة الأجنبية في أي موضع من جسمها حرام ومعصية لله).
وقال العلماء كما في فتاوى اللجنة الدائمة: (لا يجوز للمرأة العجوز ولا غيرها من النساء مصافحة الرجل الأجنبي مهما أبدى من حسن النية أو سلامة صدره).
وقال العلامة ابن باز رحمه الله تعالى: (لا يجوز لإخوان الزوج أو أعمامه أو أخواله أو بني عمه أن يصافحوا زوجات إخوانهم أو زوجات أخوالهم أو أعمامهم كسائر الأجنبيات).
وقال العلامة الوادعي رحمه الله تعالى: (لا يجوز مصافحة النساء الأجنبيات فمصافحة النساء ومجالستهن الفتنة العظمى التي ابتلي بها المسلمون). وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى: (حرم الإسلام مصافحة النساء لأنها فتنة من أعظم الفتن أن يمس الإنسان بشرة امرأة أجنبية منه).
فنهيب بالمسلمين والمسلمات أن يتقوا الله سبحانه ويبتعدوا عن هذه العادات المخالفة للشرع الإسلامي الحنيف ويسلموا لأوامر الله ويبتعدوا عن نواهيه، قال الله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.
وطهارة القلب وصلاحه في اتباع الأوامر والابتعاد عن النواهي الشرعية، والله جل وعلا ينظر إلى عمل العبد وقلبه. أصلح الله أحوالكم، وبالله التوفيق
راجعه الشيخ العلامة / محمد بن عبدالله الإمام حفظه الله تعالى.
الرابط /